Friday, October 26, 2007

المرأة في حياة الشاعر: سامح السيد


المرأة في حياة الشاعر: سامح السيد
لا يمكننا أن نتطرق لموضوع الجمال بمعزل عن المرأة, لوجود علاقة تكاملية بينهما، فالجمال بمفهومه المجرد هو الجمال الأنثوي، وأي
جمال يقع خارج هذا الارتباط جمال جزئي.لذلك لا يصح أن نميز بين النساء علي أساس الجمال بقولنا: هذه جميلة وهذه قبيحة، لان القباحة والجمال لا يجتمعان في جسد واحد.فالنساء هنا إما أن يكن جميلات أو يكن أقل جمالا.منذ نعومة أظافري كانت علاقتي بالجمال علاقة حميمة، حتى قبل بلوغي، أذكر أن الجمال كان يثيرني، يزلزلني كلما دق باب عيني حاملا لي معارضا من اللوحات الفنية الراقية وشرائحاً من الأزهار النادرة والرغبات المؤجلة.هذا ما يجعلني أسلم بأن مواكب الجمال كانت تسير بمحاذاة نمو النطق والإدراك عند الإنسان، وهنا أصل إلي علاقة طردية بين تقدم عقلية ونفسية الإنسان ودرجة تأثره بالجمال، وتخضع هذه العلاقة لمؤثرات سلبية من قوى سياسية واجتماعية خارجية.ومثل هذه القوى يجب ألا يقع تحت تأثيرها الفنانون، لأن ولائد قرائحم الفنية يجب أن تكون حرة طليقة، لا تخضع إلا لقانون المشروع الإبداعي الذي وجدت من أجله.وإذا أردنا أن نتعمق في دراسة هذا المشروع علينا أن نحزم أمتعة الوعي جيداً لنسافر إلي عالم من الجنون.هناك حيث يقطن الشعراء والأدباء ورجال الفن، حيث لا قوانين طبيعية ولا ديانات سماوية، هناك حيث يفقد الفنان براءته وتفقد المساحات البيضاء عذريتها، هناك حيث لا مكان للعقل والمنطق هناك حيث لا مجال إلا لشهقة واحدة.كل هذه الكلمات تصف جزءً من سطحية المشهد الذي استطاعت بعض من شظايا العقل تصويره سراً لنا.لكن قوافل الجنون ستسير بنا إلي أبعد من هذا المشهد، إلي نقطة نستطيع عندها أن نحلل هذا المشروع الإبداعي حيث سنجد أن كل تحفة فنية تبدأ بفكرة، تنمو بنمو تجارب الفنان الحياتية، ثم يأتي الإحساس بهذه الفكرة، حيث يشعر الفنان باكتمال نموها في داخله مؤشرات لهذا الشعور لا يدركها إلا الفنان نفسه، فحمل الفنان هنا عكس المرأة التي يرى الجميع حملها، ويأتي بعد ذلك توفير وتهيئة الجو المناسب لطرح هذه الفكرة بأمن وسلام ومن أهم مناخات هذا الجو الهدوء التام والانعزال عن الآخرين.ويحدث شئ عجيب أثناء هذه المراحل المتعاقبة، ففي أسمى لحظات التجلي يتحول الفنان إلي مطية في يد الفن التي تزرع في رحمة بذرة الإبداع، حيث يقوم الفنان هنا مقام المرأة التي تحبل وتلد، لينجب لنا قبيلة من التحف الفنية الخالدة.معاناة لا يتحملها إلا الفنان وحده،ولكن للأسف في عصرنا هذا تمتد معاناة الفنان إلي ما بعد الولادة ، ليواجه نماذجا من النقاد المخنثين فكرياً، الذين يحاولون وضع العقبات في طريق تقدمه ونجاحه.فالنقاد يعتبرون ان كل إنتاج فكري لا يتناسب مع مقاييس مفاهيمهم ومداركهم الضيقة هو إنتاج ردئ.إن مشروعية النقد لا تصح إلا عندما يستطيع الناقد إن يحلق بمحاذاة الفنان في سماء الجنون، أو عندما يوجه سعال النقد لفنان يدعي الجنون، وباعتقادي إنه لا يوجد فنان لا يدعي الجنون لأن الفن والجنون وجهان لعملة واحدة.إن الجنون الإبداعي لا يعترف بالانتقائية التي يطالب بها أولئك الذين يعتقدون أن الفنان مجرد مصور فتوغرافي يتحكم بمكان وزمان التصوير فكما أن الفن يختار رجاله، فإن إيحاءات الفن تختار رجالها إيضا، فأنت مهما اجتهدت، لن تجد شاعراً يتغزل بالمرأة، لا يعشق المرأة أو رساماً تفيض من لوحاته الأنهار ، لا يعشق الأنهار أو كاتباً يكتب عن السلام لا يعشق السلام.إن الفصل بين الإنتاج الفكري وصاحب هذا الفكر مرفوض لسبب واحد هو الارتباط العضوي بينهما.لذلك علينا أن نتقبل ولائد الفنان كمان هي، بطفولتها، بشراستها، بعفتها بشهوانيتها، فنحن لا نستطيع أن نناقش الطفل في طفولته أو نحاكم الذئب علي شراسته، إن مثل هذه الولائد لا تملك إلا خيار البقاء.بقلم الشاعر: سامح السيد

1 comment:

Unknown said...

راااائعه كل التوفقلك